يمر اليوم تلو اليوم، ونجد أنفسنا بين مصطلحات ومفاهيم لا حصر لها، فنحن إن حفظنا اسمها اللاتيني وترجمته العربية، نجدنا قد نسينا المعنى. وإذا تذكرناه فهو إما خليط غريب، أو صورة مشوشة لا نكاد ندرك معالمها. الزخْم المفاهيمي الذي يعيش فيه إنسان اليوم، أكبر من أن يستوعبه عقل واحد، ولكن من قال أصلا أن على الفرد الواحد استيعاب كل شيء وحفظ كل شيء وفهم كل شيء!
أحد أكثر الأمثلة شهرة في هذا المضمار، هو الحوار حول التطور بين المؤمنين بإله. فلا يكاد يمر اليوم إلا تجد من يتحدث في هذا المجال، بشكل يوحي إليك أنه قد قرأ كل شيء وفهم كل شيء. قدر الإقدام على الخوض في الأمور التي لا نعرف عنها إلا ظاهرها مرعب جدًا.
هذا المقال تأخرت في كتابته كثيرًا، كما تأخر غيري وسيتأخر غيره. والنتيجة التي لا تغفلها العين هي أنه في مقابل كل تأخر لباحث جاد في نشر ولو جزء صغير من بحثه، ينشر غيره –من دون أن يبذل أدنى مجهود بحثي– ما يشتت به الكثير. وأنا وإن كنت أدرك تماما مدى صعوبة النشر على أولئك الذين يعتبرون البحث أسلوب حياة، ولكني أصبحت أدرك أيضا، أن ضرر التأخر في نشر المادة الجادة –وإن لم ينته منها سوى جزء ضئيل– أكبر بكثير من نفع تأجيل نشرها.
نشرنا في مركز براهين حتى الآن ستة كتب مترجمة عن التطور والتصميم الذكي؛ (تصميم الحياة) و(أيقونات التطور) و(صندوق داروين الأسود) و(العلم وأصل الإنسان) و(شك داروين) و(الانتواع الخادع)، وبحث عن (التطور الموجه بين العلم والدين) للدكتور هشام عزمي عضو المركز، وفي الطريق (توقيع في الخلية) و(التطور: نظرية في أزمة) و(التطور: ما تزال نظرية في أزمة)، وما زال في خطتنا إنتاج المزيد في هذا الملف الشائك المتسع. ومع ذلك، لا نعتبر أنفسنا متحدثين رسميين باسم حركة التصميم الذكي، ولا نحن حتى بالذين نتفق معهم في كل كبيرة وصغيرة.
رسالة المركز "تفكيك الخطاب الإلحادي ونقد مضامينه العلمية والفلسفية وأبعاده التاريخية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية"، ولما كانت الداروينية هي الذراع العلمي للإلحاد الجديد، كان لزامًا علينا أن نفي هذا الملف حقه. وبالطبع رؤية المركز واضحة للمتابعين في الرفض التام لفكرة التطور الإلهي –ولعل بحث الدكتور هشام يوضح المزيد لمن يريد الإلمام بالأمر–، وكذلك سياسة اختيار المواد المنشورة لدينا قائمة على نقل أهم وأفضل وأصح ما كتب في نقد أسس الدارونية.
ومع كل ما تم إنتاجه ونشره، ما زلنا نُسأل حتى الآن عن سر رفضنا للتطور الموجه، عن سبب معارضتنا للجمع بين الإيمان بالله والإيمان بالتطور، عن أساس إنفاقنا الوقت والجهد في محاربة ما يُظنه البعض مجرد نظرية علمية. لذا دعت الضرورة إلى وجود مثل هذا المقال الذي يوضح بعض المفاهيم التي اختلطت على بعض الناس، بلغة أظنها أبعد عن التخصصية التقنية، وأقرب إلى التفكيك والتبسيط. وإن كنت أرى أني لم أفِ المسألة حقها، وأنه ما زال هناك حاجة للمزيد من الشرح والإيضاح، لكن لعل هذا المقال يسهم ولو بشيء بسيط، ويعين الباحثين على معرفة الحق.
– التطور الإلهي؛ مفهومه وأنصاره
مقالة فيلسوف العلوم د. ويليام ديمبسكي: "منظرو التصميم ليسوا في صداقة مع التطور الإلهي"(1) لم تأتِ من فراغ، فعلى عكس ما سيتبادر لذهنك من مصطلح "التطور الإلهي Theistic Evolution"، التطور الإلهي لا يوجد فيه مكان للإله. أو بعبارة أوضح الإله الذي يتصوره أنصار هذا المذهب لا يشبه لا إلهك ولا إله أي دين، هو إله أُدخِل قصرًا على التصور الدارويني لشكل الحياة كي ينسب إليه كل تلك العشوائية وانعدام الحكمة والغاية التي في أذهانهم، و"الخلق" في أذهانهم هو حدث عابر، حدث من مليارات السنين، ثم توقف هذا الإله بعدها تماما عن التدخل، وترك المهمة لطفرات عشوائية وانتخاب طبيعي كي ينتجوا كل تلك الأنواع الحية من سلف واحد.
يعلق ديمبسكي على هذا المنهج قائلا: "التطور الإلهي هو عبارة عن إنجيلية أمريكية ملفقة –بشكل غير مدروس– للداروينية. ما يفعله التطور الإلهي هو أنه يأخذ الصورة الداروينية لعالم الأَحياء ويقوم بتعميدها(2)، ملقبًا إياها بالطريقة التي خلق الله بها الحياة. وحتى إن أردنا اختزاله في محتواه العلمي، فالتطور الإلهي لا يختلف عن التطور الإلحادي في قبول العمليات الطبيعية المادية اللاغائية فقط لنشأة وتطور الحياة".(3) ويستطرد: "التطور الإلهي تناقض صارخ، شيء مشابه لـ «غائية اللاغائية». لو أن الله خلق الحياة لغاية ما، بالوسائل التي اقترحها داروين، إذن غاية الله كانت جعل الأمر يبدو كما لو أن الحياة خلقت بدون غاية".(4)
نعم، التطور الإلهي لا يرى أن الخالق يمكن أن يتدخل إطلاقا، هم يسمحون للخالق بطلقة واحدة في البداية، وبعد ذلك عليه أن يبتعد تماما على حد تعبير بيهي. تعبر الأكاديمية الوطنية للعلوم في أمريكا في الكتيب الصادر عام 1999م بعنوان (العلم والخَلْقَوِيَّة Science and Creationism) عن هذا المفهوم بعبارة أكثر وضوحا: "العديد من الأشخاص المتدينين، والذين من بينهم العديد من العلماء، يتمسكون بأن الله خلق الكون والعمليات المتنوعة التي أدت إلى التطور الفيزيائي والبيولوجي، ومن ثم أدت تلك العمليات إلى خلق المجرات، ومجموعتنا الشمسية، والحياة على الأرض. هذا الاعتقاد، والذي يصطلح عليه أحيانا بـ«التطور الإلهي»، ليس في خلاف مع التفاسير العلمية للتطور".(5)
يعلق د. مايكل بيهي (أستاذ الكيمياء الحيوية وأحد منظري التصميم الذكي) على هذا المفهوم الغريب موضحا تناقضه وعدم اتساقه، فيقول: "إذا كان هناك حقا –كما تسمح اللجنة– كائن حقيقي قادر حقا على خلق الكون وقوانينه... ما الذي يمكن أن يمنعه من التأثير في الكون إن اختار ذلك؟ هل هذا الكائن الذي خلق الكون وقوانينه عليه أن يأخذ الإذن من الأكاديمية الوطنية قبل أن يؤثر في الطبيعة؟ بالطبع لا".(6)
- نبذة عن أشهر أطراف الصراع
الصراع بين منظري التصميم الذكي وأنصار التطور الإلهي قديم ومستمر، لعل أشهر ما حدث مؤخرا في هذا المسلسل هو مناظرة (من وراء كل ذلك؟!) والتي دارت في تورنتو بكندا في أواخر مارس 2016، بين د. ستيفن ماير (فيلسوف العلوم وأحد أشهر منظري التصميم) من جهة، ود. لورانس كراوس (الملحد الفيزيائي الشهير) من جهة، وثالثهم في المناظرة د. دينيس لامورو (أحد منظري التطور الإلهي). وكما هو متوقع كان لامورو الكاثوليكي في صف كراوس الملحد ضد ماير منظر التصميم.(7)
وبالطبع ليست هذه أشهر حلقات الصراع، فالحدث المحوري في تاريخ صراع التصميم الذكي مع التطور عموما والتطور الإلهي خصوصا، هو قضية كيتسميللر ضد إدارة مدرسة دوڤر في 2005. دكتور كينيث ميلر لمن لا يعرفه هو أستاذ البيولوجيا بجامعة برينستون وهو مسيحي كاثوليكي وأحد أشهر منظري التطور الإلهي في أمريكا، وكذلك أحد أشهر معارضي حركة التصميم الذكي عموما. والقصة باختصار أن إدارة المدرسة قررت أن تلقي بيانا مختصرا على الطلاب لإعلامهم بأن الداروينية ليست هي النظرية الوحيدة التي تحاول تفسير نشأة الحياة والأنواع، وأن هناك نظرية علمية أخرى تسمى "التصميم الذكي" تقدم تفسيرًا مختلفًا، كان هذا الأمر كافيا لكي يتم تحريك دعوى قضائية ضد إدارة المدرسة لاتهامها بتدريس الدين في حصة العلوم. وتبع الأمر حربٌ إعلامية ليس على إدارة المدرسة فقط، وإنما على كل منظري التصميم الذكي. وبالفعل أقيمت الدعوى واستدعت المحكمة ميلر كشاهد وكذلك استدعت الدكتور مايكل بيهي كشاهد أيضا، وقدم بيهي طرحه الذي يرى أنه يثبت أن التصميم الذكي أطروحة علمية، وكعادته قام ميلر بكل ما يستطيع فعله من محاولات لخداع المحكمة وإبطال حجج بيهي.(8)
حلقة أخرى لا ينبغي إغفالها في هذا الصراع، وهي حلقة البيولوجوس ومؤسسها فرانسيس كولينز (عالم الجينات الأشهر ومؤسس مشروع الجينوم البشري). والبيولوجوس BioLogos هو مفهوم طرحه كولينز في كتابه (لغة الإله) عام 2006م ليعلن فيه أنه لا خلاف بين الإيمان بالإله والإيمان بالتطور الدارويني العشوائي، ثم بعد ذلك قام بإنشاء مؤسسة بنفس الاسم كي ينشر من خلالها فكرته. وبالطبع حلقات العداء بين تلك المؤسسة وبين منظري التصميم أكبر من أن تحتويها صفحات قليلة.(9)
كارل جيبِّرسُون ومقالاته اللاذعة ومناظرته الشهيرة مع ماير(10)، البريطاني كيث فوكس ومناظرته مع مايكل بيهي(11)، فرانسيسكو آيالا ووصفه للتصميم الذكي بأنه معادل للكفر والتجديف(12)، والكثير غيرهم من العلماء الذين يفترض أنهم يؤمنون بإله ما، وعلى الرغم من ذلك يقفون في خندق واحد مع الملحدين لتكرار نفس حججهم ومقالاتهم.
– ظهور التصميم الذكي
نشأت حركة التصميم الذكي في أوائل الثمانينات(13) من تجمع صغير لعلماء وفلاسفة، اشتركوا جميعا في البداية في الشك في كفاية الآليات التطورية في تفسير التنوع الحيوي الهائل، ثم أخذت الفكرة في الاكتمال لتصل للشكل الحالي التي عليه الآن. لم يكن عملهم سهلًا على الإطلاق، ففكرة أن تعارض التيار العام وأن تأتِ بفكرة جديدة في الوسط العلمي، ليس أمرًا سهلًا كما يُظَن، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى أن تعارض الداروينية الحديثة، فأنت تحكم على نفسك بالطرد من مكانك وتوقف كافة أبحاثك واستبعاد نشر مقالاتك، ستجد نفسك فجأة بدون راتب وبدون عمل وبدون أي جهة داعمة لأبحاثك، باختصار إقصاء كامل من كافة الأوساط العلمية. وبالطبع فيلم (مطرودون Expelled) أشهر من أن نحيل إليه.
أضف إلى ذلك، أنه كان هناك بالفعل من سبقهم في معارضة الداروينية والسباحة ضد التيار، وهم من سموا بالخلقويين Creationists، وهم على تنوعهم(14) كانوا جميعًا ينطلقون من أساس واحد، وهو إثبات صحة النص المقدس باستخدام العلم. الأمر الذي لقى معارضة ضخمة، وانعدام استحسان على كافة الأصعدة، ثم صعبوا الأمر على أنفسهم أكثر بمحاولتهم فرض آرائهم –التي لم تكن مادة مكتملة أو نظرية بديلة– بالذهاب إلى القضاء لمحاولة تدريس الخلقوية في المدارس كعلم.
وقطعا لم يفت أنصار الداروينية فرصة سانحة لتحميل حركة التصميم الذكي كافة أخطاء الخلقويين، كي يسهلوا على أنفسهم نقد الأطروحات العلمية التي يقدمونها، ويكتفوا بوصفهم بـالخلقويين لكي يثبتوا للرأي العام أن أفكارهم لا ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد. في نفس الوقت الذي يعارض فيه بعض الخلقويين حركة التصميم الذكي ويعتبرونها "ليست كافية".(15) والأمر واضح بالطبع، فإن كنت ترى أن الإصحاح الأول والثاني من سفر التكوين نصا علميا دقيقا، فبالطبع لن يرضيك من يكتفي بالقول بأن الدراسة العلمية لعالم الأحياء تُظهِرُ تصميمًا ذكيًا.
تعرضت نظرية التصميم الذكي لانتقادات شرسة من الأفراد والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، من الملحد الدارويني الشهير ريتشارد دوكينز إلى الخلقي الشهير كين هام مرورا بكين ميلر وفرانسيس كولينز وآيالا وغيرهم من أنصار التطور الإلهي سالفي الذكر، ومن إدارة الجامعات التي تفصلهم من عملهم إلى بعض الكنائس التي تحذر أتباعها منهم إلى المؤسسات الداعمة للتطور التي تصدر البيانات الرسمية للتأكيد على أن أطروحات هؤلاء لا تمت للعلم بِصلة. ظروف غير عادية على الإطلاق.
بدأت قصة هذه المجموعة الصغيرة بجهود فردية من د. تشارلز ثاكستون(16)، ود. مايكل دنتون(17)، ود. دين كينيون(18)، وبالطبع د. فيليب جونسون(19)، بدون دعم مادي أو إعلامي أو أي شيء. وفي هذه المرحلة كان التركيز في الكتابة والبحث منصبًا على اختبار ونقد الادعاءات التي أسس لها منظري الداروينية الحديثة منذ عقود، من دون إدخال الدين أو الكتاب المقدس في القضية. وكان لثاكستون السبق في الإشارة إلى أن وجود المعلومات لا يمكن تفسيره إلا بوجود ذكاء وتصميم، ولم يبدأ العمل على توسيع أسس للنظرية البديلة للداروينية إلا بعد انضمام الرعيل الثاني من المفكرين إلى الحركة؛ ماير وبيهي وديمبسكي وبول نيلسون وجوناثان ويلز. اهتم هؤلاء بتأسيس برنامج بحث علمي، حيث يصبح فيه التصميم الذكي حجر أساس لفهم تنوع وتعقيد الحياة.
بعد نشر بيهي لكتابه (صندوق داروين الأسود) في عام 1996م، انفجر السد. حيث ظهر لأول مرة شرح علمي لآلية عمل التصميم الذكي في العالم البيولوجي. ظهرت عدة مراجعات للكتاب في المجلات العلمية الشهيرة كـ(نيتشر Nature) و(نيو يورك تايمز New York Times) و(التايم Time) و(وول ستريت جورنال Wall Street Journal) و(ساينس Science) وغيرها، واعتبرته مجلة (ناشيونال ريڤيو National Review) من ضمن أهم 100 كتاب في القرن العشرين.(20) وعلى الرغم من النجاح الذي حققه الكتاب، ومن العداء والاتهامات الجزافية التي نالها الكاتب وكتابه ومفهومه –التعقيد غير القابل للاختزال–، فالكتاب فعل شيئا جديدًا، وهو أنه ضرب فرضية داروين الأساسية –في الاكتفاء الذاتي للحياة بالتدرج البطيء لعملية التطور العشوائي– في مقتل. وكانت الأمثلة التي طرحها بيهي في كتابه للتدليل على مفهوم التعقيد غير القابل للاختزال مربكة جدًا للتطوريين؛ العين –العضو الذي دفع داروين لوصف نظريته بالسخيفة(21)–، وتخثر الدم في الإنسان، والسوط الباكتيري. ومن يتابع ردودهم على كتاب بيهي، يرى قدرًا من التخبط لا يمكن استيعابه.
بعد ذلك، ما لبث ديمبسكي أن لحق ببيهي في عام 1998م، حيث طرح مفهومه عن التعقيد المتخصص في كتابه المراجع من قبل الأقران (استنتاج التصميم The Design Inference)، وأنهى بذلك أوهام التطوريين في احتمالية أن تكون الصدفة هي سيدة الموقف في نشوء وتنوع الحياة. ثم تابعت الحركة نشر الكتب والمنشورات التقنية والأوراق المحكمة، وكانت سياستها واضحة منذ البداية، فهي لا تحاول تغيير الرأي العام قصرًا بأي وسيلة ضغط كانت، وإنما كان العمل منصبًا على إقناع النخب العلمية والثقافية بمدى جدية أطروحاتهم العلمية والفلسفية حول أصل وتنوع الحياة. وفي هذا المضمار قاموا بمناظرات شهيرة مع أنصار الداروينية الحديثة وأنصار التطور الإلهي، وفي كل مرة كانت الفكرة تكتسب أرضا جديدة، كان الهجوم اللاذع يزداد والاتهامات الكاذبة تزداد وشراسة الحرب تزداد.
– السلف المشترك والتصميم الذكي
في ظل جو مشحون بالأحقاد وحرب ضروس، فإن من الغباء بمكان أن تكتسب المزيد من الخصوم من دون داع. الفكرة الرئيسة في التطور الدارويني هي حصر التنوع الأحيائي في (الانتخاب selection)؛ الاختيار من ضمن ما هو موجود بالفعل. وفي المقابل، فإن الفكرة الرئيسة في التصميم الذكي هي أن كافة أشكال الحياة تخبرنا بوجود (تصميم design)؛ البناء الذي يفتقر إلى الفاعل الذكي. وبالطبع فإن كلتا الفكرتين لهما آثارهما المترتبة على القول بهما؛ الأولى: تستبعد الفاعل من العملية وتقترح حدوثها عن طريق الصدفة والضرورة، والثانية: تستلزم وجود الفاعل الذكي.
من أجل ذلك؛ كان الحديث عن السلف المشترك داخل إطار التطور الدارويني، يختلف تمام الاختلاف عن الحديث عنه داخل إطار التصميم الذكي. فأنت في إطار الداروينية تتحدث عن خلية حية تظهر بالصدفة، ثم تتكاثر حتى يظهر كائن عديد الخلايا بالصدفة، ثم بالصدفة أسماك فزواحف فثدييات فطيور... إلخ. ولأنه لا يوجد لا غاية ولا ذكاء ولا تصميم، فلا يوجد خيار أمامك إلا أن تفترض أن تكون كافة الأنواع الجديدة قد ولدت من رحم أنواع قديمة. أما في إطار التصميم، فإن المصمم له طرقه الخاصة التي سيصمم بها كل قفزة كبيرة أسفرت عن مرحلة جديدة من الحياة.
معظم منظري التصميم الذكي يرفضون فكرة السلف المشترك، وعلى الرغم من ذلك، فإنهم دائما ما يؤكدون أنهم منفتحون للنقاش في هذه القضية، وأنه لا يوجد تعارض نظري بين التصميم الذكي والسلف المشترك. يقول د. جون ويست (نائب رئيس معهد ديسكفوري): "نحن في معهد ديسكفري منذ زمن طويل، نؤكد على أن التصميم الذكي لا يتعارض مع فكرة أن الكائنات الحية تنحدر من سلف مشترك... لدينا علماء يقرون فكرة السلف المشترك، مثل عالم البيولوجيا مايكل بيهي وعالم الجينات مايكل دنتون... ولدينا بالطبع علماء يعارضون الفكرة بشدة... في ظني أن التنوع في هذه القضية أمر جيد". ولا شك أن وجود هذا التنوع ضيع الفرصة على كثير من المتربصين بحركة التصميم، يتابع ويست قائلًا: "في الواقع، لقد قابلت العديد من المتدينين الداعمين للداروينية، الذين يجعلون السلف المشترك موضع الاختبار للحكم على الشخص ما إذا كان "ضد-العلم"، الأمر الذي سيترتب عليه أنه لن ينعم بأي حوار حول أدلته العلمية".(22)
وبالطبع، فليس هذا يعني أن أنصار التصميم –بشكل عام– يغفلون المشاكل العلمية التي تواجه فكرة السلف المشترك، ولا حتى الذين يقبلون منهم السلف المشترك كبيهي ودنتون. فهم قطعا لا يتحدثون عن سمكة لها أرجل أو عن زاحف مشعر أو عن حيوان جرابي له مشيمة، ولا هم يغفلون القفزات الكبيرة التي تقف عائقا أمام الانتقال من نوع إلى نوع. ولا ريب أن مفهوم بيهي عن التعقيد غير القابل للاختزال هو من أسقط المفهوم الدارويني عن التدرج التتابعي، يقول بيهي: "نجحتْ نظريةُ داروين على نطاقٍ ضيق؛ مَثلها كمثل لاعب رياضي يؤكد أن بمقدوره أن يقفز فوق حفرة بطول أربعة أقدام. أما على مستوى التطور الكبروي –القفزات الكبيرة– فإن هذه النظرية تثيرُ الشك".(23) وفي معرض حديثها عن المدرسة البنيوية في البيولوجيا –والتي يعتبر دنتون من أنصارها– تقول د. آن جوجر (أستاذة الأحياء النمائية): "أنصار البنيوية Structuralists يقبلون بالتطور، على اعتبار أنه التغير عبر الزمن. ومن الممكن أيضًا أن يقبلوا بالسلف المشترك، طالما أن هناك قانون للتشكل قادر على صنع القفزة من صنف إلى آخر. ما يخالفونه هو أن التطور حدث بالتكيف والطفرات العشوائية والانتخاب، وهي الرؤية التي يتبناها أنصار التكيفية".(24) وعن المشاكل التي تواجه فرضية السلف المشترك، يقول بيهي: "أنا لا أملك حلولًا للمشاكل الصعبة التي يطرحها العلماء المتشككين في فرضية السلف المشترك العام؛ الجينات اليتيمة ORFan genes، الشفرات الوراثية اللامعيارية nonstandard genetic codes، الطرق المختلفة للتخلق الجنيني بين المتعضيات المتماثلة... إلخ. وعلى الرغم من ذلك –على وفاق رؤيتي– لو أننا تحدثنا عن سلف مصمم بذكاء بدلا من سلف التطور الدارويني، فإن تلك المشكلات –على الرغم من أنها ستظل موجودة– سوف تصبح أقل تعجيزًا".(25)
إذن، فالقضية ليست أنهم لا يدركون الصورة العامة لفرضية السلف المشترك والمشاكل التعجيزية التي تقف حائلا أمامه –حتى إن كان الحديث عن سلف مصمم بذكاء–، ولا أنهم يتصورون سلفا مشتركا مشابها لما يتصوره أنصار الداروينية، ولكن القصة باختصار؛ هي أنهم لا يرون أن المشكلة الرئيسة في الصراع مع الداروينية هي في السلف المشترك. يقول ديمبسكي: "القضية الرئيسة ليست في القرابة بين كل الكائنات الحية... القضية الرئيسة هي في كيف نشأ التعقيد الحيوي، وفيما إذا كان الذكاء قد لعب دورًا محوريًا في نشوئه أم لا".(26) ويقول ماير: "نظرية التصميم الذكي لا تتحدى معنيين من معاني التطور؛ التغير عبر الزمن وفكرة السلف المشترك... ولكنها تتحدى بشكل خاص فكرة أن العمليات العشوائية الخالصة –الانتخاب الطبيعي الذي يعمل على التغيرات العشوائية أو الآليات المادية الأخرى المشابهة– يمكنها تفسير كل الأشكال التي نراها في عالم الأحياء".(27) ويقول بيهي: "السلف المشترك لا يشرح الاختلافات الهائلة بين الأنواع".(28) ويوضح في كتابه (حافة التطور) سبب عدم التركيز على مسألة السلف المشترك، فيقول: "الانحدار المشترك حقيقة، ولكن على الرغم من أن تفسير الانحدار المشترك –حتى الانحدار المشترك للإنسان والشمبانزي– جَذّاب، لكنه على نحو عميق؛ تافه. هو يخبرنا فقط أن السمات المشتركة كانت موجودة منذ البداية، حاضرة في السلف المشترك. لكنه لا يشرع حتى في محاولة شرح من أين أتت تلك السمات المشتركة، أو كيف اكتسب البشر بعد ذلك الاختلافات الملحوظة. الانحدار المشترك للحياة يجب أن يفسره شيء ما غير العشوائية".(29)
الملحد ريتشارد دوكينز، يعلق على كلام بيهي السابق قائلا: "هل معجبوه من الخلقويين يعرفون أنه يقبل "كأمر تافه" حقيقة أننا قردة أفريقية، أبناء عمومة القرود، منحدرون من الأسماك؟".(30) وعلى الرغم من أن دوكينز بالفعل شخص تافه، ولكن فَهمه لكلام بيهي بهذه الطريقة طبيعي منه ومن أمثاله. فالتصميم ووجود الغرض وعدم القابلية للاختزال والقفزات الكبيرة بل وحتى إدراك للتحديات، أمور منعدمة في تصور الداروينيين عن الانحدار المشترك.
إن كنا نتحدث داخل إطار نظرية التصميم الذكي، فلكي تظهر الأنواع الجديدة هناك ثلاثة سيناريوهات للأمر:
1) أن ينشئ المصمم تصميمًا جديدًا من الألف إلى الياء لكل الأنواع الجديدة.
2) أن يقتبس المصمم في تصميم كل الأنواع الجديدة بعض النماذج القديمة من تصميماته السالفة، بالإضافة للجديد الذي سيضعه.
3) أن يختار المصمم إنشاء بعض الأنواع الجديدة بتصاميم جديدة تماما، وبعضها الآخر بأجزاء جديدة وأجزاء قديمة.
وأيا ما كان اختيار منظري التصميم –أو ما ستثبته الاكتشافات العلمية في المستقبل– من هذه الثلاثة، فليس في الأمر أدنى مشكلة ولا أدنى تشابه مع العبث الدارويني. وهم إن كانوا في الوقت الحالي يتركون الأمر مفتوحا للنقاش، فذلك لإدراكهم صعوبة الحسم في القضية، إضافةً إلى أن القضية برمتها لا تأخذ حيزًا ضخمًا من الصورة الكاملة.
- موقف الإسلام من الصراع
موقف الإسلام من نظرية التطور ومن التطور الإلهي أو الموجه، تناوله الدكتور هشام عزمي بشيء من التفصيل الجيد في بحثه المعنون بـ(التطور الموجه بين العلم والدين)، والصادر هذا العام عن المركز.(31)
باختصار، يتعارض الإسلام مع الداروينية في فلسفتها الرئيسة التي تهدف إلى إعطاء صورة عن العالم لا يوجد فيها إله أو خالق، ولو وجد فهو يعمل بعشوائية مطلقة وليس لديه هدف أو غاية. ويتعارض أيضا معها في خلق الإنسان، فالرواية الإسلامية أن الله عز وجل خلق آدم بيديه، خلقا خاصا يليق بجلاله عز وجل. وفي الداروينية ينكرون أصلا وجود إنسان أول، ثم ينكرون أي تميز للإنسان عن بقية الكائنات، فنشأة النوع البشري لم تأتِ من زوج واحد فقط –آدم وحواء في التصور الديني– وإنما من تطور بطيء وعمليات تزاوج وإنجاب كثيرة جدا على مدار آلاف السنين. ولا يشك العاقل أن الصورتين لا يمكن أن تلتقيا أبدًا.
أما بالنسبة لتصورات منظري التصميم –كبيهي– عن إمكانية الانحدار المشترك للأنواع من سلف واحد، كما سبق التوضيح. فوجهة نظري أن الأمر فيه سعة، والسيناريوهات الثلاثة التي ذكرناها، لا يتعارض أي منها مع تصور خلق الله عز وجل لآدم وحواء وكونهم بداية الجنس البشري المكلف. فسواء كان ظهور الإنسان عن طريق تصميم دنا DNA جديد من الألف إلى الياء، أو عن طريق DNA به ما هو جديد وبه ما هو مكرر من أنواع سبقت ظهور الإنسان، فلا تعارض بين هذا وبين المعتقد الإسلامي في أن الله عز وجل خلق آدم بيديه.
(1) William A. Dembski, What Every Theologian Should Know about Creation, Evolution, and Design, The Princeton Theological Review, April 1, 1996. http://www.discovery.org/a/122, Last accessed: 8/8/2016.
“Design theorists are no friends of theistic evolution.”
(2) طقس التعميد أو المعمودية هو طقس مسيحي يمثل دخول الإنسان الحياة المسيحية (ويكيبيديا العربية).
(3) Last cited.
“…theistic evolution is American evangelicalism's ill-conceived accommodation to Darwinism. What theistic evolution does is take the Darwinian picture of the biological world and baptize it, identifying this picture with the way God created life. When boiled down to its scientific content, theistic evolution is no different from atheistic evolution, accepting as it does only purposeless, naturalistic, material processes for the origin and development of life.”
(4) Last cited.
“…theistic evolution is an oxymoron, something like "purposeful purposelessness." If God purposely created life through the means proposed by Darwin, then God's purpose was to make it seem as though life was created without any purpose.”
(5) National Academy of Sciences. 1999. Science and creationism: a view from the National Academy of Sciences, 2nd ed. Washington, D. C.: National Academy Press, p. 7.
“Many religious persons, including many scientists, hold that God created the universe and the various processes driving physical and biological evolution and that these processes then resulted in the creation of galaxies, our solar system, and life on Earth. This belief, which sometimes is termed “theistic evolution,” is not in disagreement with scientific explanations of evolution. Indeed, it reflects the remarkable and inspiring character of the physical universe revealed by cosmology, paleontology, molecular biology, and many other scientific disciplines.”
(6) Michael J. Behe, The Edge of Evolution, Free Press, June 2008, p210.
“…if there is indeed a real being who could actually create the universe and its laws, as the committee allows, and if that explanation reflects (that is, is evidentially supported by) “the physical universe revealed by cosmology” and other scientific disciplines, what would stop the being from affecting the universe in other ways if it chose to do so? Would this being that created the universe and its laws have to ask permission of the National Academy to otherwise affect nature? Of course not.”
(7) جرت المناظرة في 19 مارس 2016 بكلية ويكليف بجامعة تورنتو بكندا.
(8) قريبا بإذن الله سننشر كتيب يخص تفاصيل القضية وملابساتها وردود منظري التصميم على ما وقع فيها، بعنوان (إعادة المحاكمة: القصة الخفية لقضية دوڤر).
(9) الصراع بين منظمة بيولوجوس وحركة التصميم الذكي كبير ومحوري، يمكن مطالعة بعض من فصوله في هذه المقالات:
Jonathan Wells, Darwin of the Gaps: Review of The Language of God: A Scientist Presents Evidence for Belief by Francis S. Collins, Discovery Institute, March 26, 2008, http://www.discovery.org/a/4529, Last accessed: 8/8/2016.
Jonathan Witt, Book Review: Random Acts of Design (Francis Collins Sees Evidence That God Made the Cosmos—But Life Is Another Matter), Touchstone Magazine, November 9, 2006, http://www.touchstonemag.com/archives/article.php?id=19-08-032-f, Last accessed: 8/8/2016.
Logan Paul Gage, Review: The Language of God: A Scientist Presents Evidence for Belief, American Spectator, October 1, 2006, http://www.discovery.org/a/3749, Last accessed: 8/8/2016.
David Klinghoffer, At BioLogos, Stephen Meyer Clarifies the Disagreement Separating Intelligent Design from Theistic Evolution, Jan 19, 2015, http://www.evolutionnews.org/2015/01/at_biologos_ste092841.html, Last accessed: 8/8/2016.
(10) David Klinghoffer, You Can Now Watch the Meyer-Giberson Debate on YouTube, April 24, 2014, http://www.evolutionnews.org/2014/04/you_can_now_wat084851.html, Last accessed: 8/8/2016.
(11) Robert Crowther, Intelligent Design vs. Theistic Evolution: Behe debates Fox on UK's Premiere Radio, October 24, 2010, http://www.evolutionnews.org/2010/10/intelligent_design_vs_theistic039681.html, Last accessed: 8/8/2016.
(12) Casey Luskin, Signs of Desperation? Early Responses to Signature in the Cell Are Easily Dismissed, Salvo Magazine, March 29, 2010, http://www.discovery.org/a/14381, Last accessed: 8/8/2016.
“Ayala proclaimed that ID is tantamount to “blasphemy” because it implies that God is responsible for “design defects,” such as tsunamis, back problems, misaligned teeth, and complications encountered during childbirth.”
وأيضا: د. هشام عزمي، التطور الموجه بين العلم والدين، فرانسيسكو آيالا وسؤال وجود الشر في العالم، الطبعة الأولى 2016، مركز براهين، ص217.
(13) William A. Dembski, The Intelligent Design Movement, Cosmic Pursuit, March 1, 1998, http://www.discovery.org/a/121, Last accessed: 8/8/2016.
Also see: Jonathan Witt, A brief history of the scientific theory of intelligent design, Discovery Institute, October 30, 2007, http://www.discovery.org/a/3207, Last accessed: 8/8/2016.
(14) أشهر طوائفهم هم أولئك الذين يؤمنون بنظرية الأرض الفتية Young Earth creationism، حيث يعتقدون أن عمر الأرض يتراوح من 6 لـ 10 آلاف سنة، وهناك طائفة أخرى تؤمن بإن عمر الأرض قديم يصل إلى مليارات السنين Old Earth creationism، وهؤلاء بدورهم ينقسمون إلى طوائف أخرى، والسمة المميزة لهم جميعا أنهم يعتقدون أن العلم هو من يثبت صحة وجود الخالق وأحداث الخلق المروية في بداية سفر التكوين، وبذلك يخلطون ما بين دائرة العلم التجريبي الذي هو قاصر عن اختبار الفرضيات الغيبية وقاصر عن إعطاء رؤية شاملة للعالم، وما بين الدين الذي دائرته الأساسية هي تقديم رؤية شاملة للعالم. بعكس حركة التصميم، الذين يدركون تماما الحد بين العلم واللاعلم، وبالتالي يقفون عند القول بأن نشوء وتنوع الحياة تفسر علميا بوجود تصميم ذكي، ولا يتحدثون عن المصمم وهويته من منطلق علمي، لإدراكهم أن العلم التجريبي قاصر عن الخوض في هذه المسائل.
(15) Ken Ham, Intelligent Design Is Not Enough, Answers in Genesis, August 31, 2011, answersingenesis.org/blogs/ken-ham/2011/08/31/intelligent-design-is-not-enough, Last accessed: 8/8/2016.
(16) Charles B. Thaxton, www.discovery.org/p/96, Last accessed: 8/8/2016.
(17) Michael J. Denton, www.discovery.org/p/521, Last accessed: 8/8/2016.
(18) Dean H. Kenyon, www.discovery.org/p/89, Last accessed: 8/8/2016.
(19) Phillip E. Johnson, darwinontrial.com/biography.php, Last accessed: 8/8/2016.
(20) The Editors, The 100 Best Non-Fiction Books of the Century, May 3, 1999, National Review, nationalreview.com/article/215718/non-fiction-100, Last accessed: 8/8/2016.
(21) Charles Darwin, The Origin of Species, Harvard University Press, 1964, p. 190.
(22) John G. West, Debating Common Ancestry, May 14, 2016, http://www.evolutionnews.org/2016/05/debating_common102845.html, Last accessed: 8/8/2016.
(23) د. مايكل بيهي، صندوق داروين الأسود، الطبعة الأولى، مركز براهين، ص32.
(24) Ann Gauger, The First Thing to Note about Michael Denton's New Book, January 27, 2016, http://www.evolutionnews.org/ 2016/01/the_first_thing102549.html, Last accessed: 8/8/2016.
(25) Interview with Michael Behe on The Edge of Evolution, Discovery Institute, June 18, 2007, http://www.discovery.org/a/4097, Last accessed: 8/8/2016.
“I have no solutions to the difficult problems pointed to by scientists who are skeptical of universal common descent: ORFan genes, nonstandard genetic codes, different routes of embryogenesis by similar organisms, and so on. Nonetheless, as I see it, if, rather than Darwinian evolution, one is talking about "intelligently designed" descent, then those problems, while still there, seem much less insuperable. I certainly agree that random, unintelligent processes could not account for them, but an intelligent agent may have ways around apparent difficulties.”
(26) William Dembski and Michael Ruse, Debating Design, Cambridge University Press, 2004, p323.
“The central issue is not the relatedness of all organisms - what is commonly called 'common descent'. Indeed, intelligent design is perfectly compatible with common descent. Rather, the central issue is how biological complexity emerged and whether intelligence played a pivotal role in its emergence.”
(27) Stephen Meyer, Talk of the Times: Intelligent Design vs. Evolution, Seattle Times & Townhall, April 26, 2006, http://www.discovery.org/a/3505, Last accessed: 8/8/2016.
“In challenging - the theory of intelligent design does not challenge the first two meanings of evolution—change over time or the idea of common ancestry. Though some of us are skeptical about universal common ancestry. But it does specifically challenge the idea that a purely undirected process, natural selection acting on random variations or other similarly materialistic mechanisms, can account for all the form that we see in the biological world.”
(28) Michael J. Behe, Darwin Under the Microscope, The New York Times, October 29, 1996, Tuesday Final Section A; Page 25; Column 2; Editorial Desk.
“By itself, however, common descent doesn't explain the vast differences among species.”
(29) Michael Behe, The Edge of Evolution, Free Press, June 2008, p72.
“Common descent is true; yet the explanation of common descent—even the common descent of humans and chimps—although fascinating, is in a profound sense trivial. It says merely that commonalities were there from the start, present in a common ancestor. It does not even begin to explain where those commonalities came from, or how humans subsequently acquired remarkable differences. Something that is nonrandom must account for the common descent of life.”
(30) Richard Dawkins, Inferior Design, The New York Times, Sunday Book Review, July 1, 2007, http://www.nytimes.com/2007/07/01/books/review/Dawkins-t.html?pagewanted=print&_r=0, Last accessed: 8/8/2016.
“Do his creationist fans know that Behe accepts as “trivial” the fact that we are African apes, cousins of monkeys, descended from fish?”
(31) د. هشام عزمي، التطور الموجه بين العلم والدين، الطبعة الأولى 2016، مركز براهين.