هذا الفيديو في الأساس هو مقطع لدوجلاس أكس قبل سنتين يجيب فيه عن سؤال: متى بدأت في الشك في الداروينية؟ وللإجابة عن هذا السؤال تعرض للقصة التي مر بها خلال رحلته المهنية، وهي وثيقة الصلة بالتطور الموجه في هندسة الإنزيمات وفرانسيس أرنولد الحائزة على جائزة_نوبل هذا العام في الكيمياء.
كان أكس يكمل الدكتوراه في الهندسة الكيميائية في نفس الوقت الذي كانت تؤسس فيه فرانسيس أرنولد معملها في كالتيك (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا)، وكان المجال في بدايته والطموحات عالية، فكما توضح فرانسيس أرنولد أنهم كانوا يظنون في أوائل التسعينات أنهم سيحلون مشكلة تصميم بروتينات صناعية جديدة خلال خمس سنوات، ولكن بعد مرور 30 عاما، ما زالت المشكلة القائمة.
تقول أرنولد في ورقة شاركت في تأليفها عام 2011 أن "الجهود المبذولة حتى اليوم لإنتاج محفزات جديدة أظهرت بشكل أساسي أننا نصبح أفضل في صناعة إنزيمات أسوء. صناعة إنزيمات جديدة سيتطلب مستوى جديد بالكامل من التبصر، أو منهجيات جديدة بالكلية".(1)
اللطيف في كلمات أرنولد، أنها لا تنفك عن الحديث عن التصميم ومشكلة التصميم، بالرغم أنها بالطبع تؤمن بالتطور الدارويني، وأن التطور خلال مليارات السنين هو من أعطانا كل شيء حي، وأن الطبيعة هي التي صممت كل تلك البروتينات عن طريق التطور.
كما أوضحنا في منشورنا السابق، نجح منهج التطور الموجه في هندسة الإنزيمات في تحسين وظائف الإنزيمات لكي نستطيع استعمالها في الظروف الصناعية، لكن هذا لا علاقة له بالمناظرة حول نشأة وتطور البروتينات، حيث إنشاء بروتين جديد في المعمل ما زال أملا بعيدا للغاية...
ولكن، ماذا إن نجح العلماء بالفعل في تخليق بروتين جديد أو إنزيم جديد في المعمل؟ هل هذا سيثبت صحة فرضية نشأة البروتين بالصدفة؟
بالطبع لا، لأنه، وكما أوضحنا في المنشور السابق، لا علاقة لما يحدث في المعمل بما تفترض نظرية التطور حدوثه في الطبيعة. فالنظرية تفترض عدم وجود الغاية، وهناك غاية محددة مسبقة في المعمل؛ النظرية تفترض نشأة البروتين من خلال طفرة واحدة بالصدفة، وفي المعمل يتم تجريب كل الطفرات الممكنة حتى يتم التوصل للنتيجة المطلوبة؛ النظرية تفترض حدوث العملية بدون فاعل ذكي وبشكل أعمى، وفي المعمل يوجد فاعل ذكي يتصرف بشكل عاقل.
البيئة الموجودة في التطور الموجه بيئة اصطناعية بالكامل، وإن كانت تثبت صحة شيء، فهي تثبت صحة افتراض استحالة إنشاء أي شيء في الحياة بدون التصميم والذكاء. أما المجال الذي يتم محاكاة الظروف الطبيعية التي يفترض أن التطور يحدث فيها بالفعل، هو مجال التطور التجريبي experimental evolution، كتجارب ريتشارد لينسكي وغيره، وهذا هو موضوع منشورنا القادم بإذن الله.