* ملحوظة: هذا المقال هو من كتاب (العلم الزومبي: أيقونات التطور من جديد) للمزيد يرجى مراجعة الكتاب.
وفقا للبيولوجي البريطاني (رونالد جينر Ronald Jenner)، بدون سجل حفري جيد هناك "مجال ضئيل للاختيار للجوء إلى تخيلاتنا العلمية –بشكل أو بآخر– لإنتاج المرويات التاريخية والتي هي الهدف النهائي لدراساتنا لتطور الحيوانات". في الواقع " تخيلاتنا هي الوسيلة الوحيدة لإصلاح كسور الأدلة وتحويلها إلى مروية تاريخية سلسة توصل بين ماذا وكيف ولماذا" التطور.(17)
الموقف بالنسبة للتطوريين أسوء من ذلك فعلا. حتى لو كان لدينا سجل حفري جيد، فسيظل لزاما علينا استعمال خيالنا لإنتاج مرويات عن علاقات الأسلاف بالأبناء.
إليك السبب. إذا وجدت جمجمتين بشريتين مدفونتين في حقل، كيف يمكنك أن تعرف من منهما كان سلفا للآخر؟ بدون علامات محددة وسجلات مكتوبة، أو ربما في بعض الحالات حمض نووي DNA، سيكون من المستحيل التوصل لذلك. ربما تكون تتعامل مع جمجمتين من نفس النوع الحي الحديث. أو مع اثنين مختلفين لنوع منقرض قديم –غالبا ما تكون بعيدة كل البعد في الزمان والمكان–، قد لا تكون هناك وسيلة لإثبات علاقات الأسلاف بالأبناء.
كتب عالم الحفريات في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي (جاريث نيلسون Gareth Nelson) منذ عقود "فكرة أن الشخص بإمكانه أن يذهب إلى سجل الحفريات وأن يتوقع أن يستعيد تجريبيا تسلسل الانحدار من الأسلاف، سواء كانت أنواعا أو أجناسا أو عائلات أو أيا ما كان، كانت، وما زالت، وهمًا مهلكا".(18) وفي عام 1999، كتب (هينري جي Henry Gee) محرر مجلة (نيتشر Nature) أن "من المستحيل عمليا أن نربط الحفريات بسلاسل من الأسباب والنتائج بأي طريقة صالحة". وتوصل إلى: "أن تأخذ خطا من الحفريات وتدعي أنه يمثل سلالة، ليس فرضية علمية يمكن اختبارها، ولكن إقرار ينطوي على نفس صلاحية قصة ما قبل النوم؛ مسلٍ، بل ومفيد ربما، لكنه غير علمي".(19) جي (مثل إروين وفالنتاين) يؤمن بالتطور، ولكن إيمانه (مثلهم) غير مبني على الأدلة الحفرية كما هو واضح.
أشجار تطور السلالات
بالرغم من حقيقة أن علاقات الأسلاف بالأبناء لا يمكن استعادتها تجريبيا من الحفريات، الأوراق العلمية في مجال البيولوجيا الحديثة مليئة بالأشجار التطورية –المسماة بأشجار "تطور السلالات"– التي من المفترض أنها تظهر مثل هذه العلاقات. الأشجار عادة ما تلازمها قصص عن كيف تطورت الكائنات السابقة إلى اللاحقة. لكن أشجار تطور السلالات لا تحتاج إلى الأسلاف. في الحقيقة، هي لا تحتاج حتى إلى الكائنات.
في عام 2013، أنتجت مجموعة تعليم علوم خطة لتعليم طلبة الكليات والمدارس الثانوية كيفية تشكيل شجرة تطور سلالات بالأربطة المعدنية أو المكرونة أو الكعك. وبالرغم من أن المواد غير طبيعية، لكن "المشاكل التي قابلوها والأسئلة التي طرحت مشابهة لتلك الموجهة من علماء الحفريات عند استعمال قطع الحفريات".(20)
المبدأ الإرشادي الأول هو أن "الكائنات التي تشبه بعضها بطرق متعددة هم على الأرجح أكثر قرابة ببعضهم من الكائنات التي بينها القليل من الشبه. هذا هو، كلما كان التشابه أكبر في البنية (كلما كانت الخصائص شائعة)، كلما كانت العلاقة المحتملة بين شكلين أقرب". تم إرشاد الطلاب إلى "اختيار الشكل الأصغر والأبسط كالسلف المشترك المحتمل للمجموعة، ومن ثم محاولة ترتيب الأشكال الأخرى كفروع للشجرة من منحدرة من السلف".(21)
من الواضح طبعا أنه لا شيء من بين تلك الأشكال يتطلب أو يتضمن سلف مشترك. وفي الحقيقة، نحن جميعا نعلم أن الأربطة المعدنية أو المكرونة أو الكعك هي نتاج تصميم ذكي. إذن ما لدينا هو مجرد تدريب على اختيار الصفات لمقارنتها والتوصل إلى العلاقة بينها. ولكن "العلاقة" غامضة. فمن ناحية قد تشير إلى سلسلة النسب، كأن نقول إن "تشارلز داروين أقرب صلة لإرازموس داروين (جده) من قرابة أي منهما بجيرونيمو (محارب قبيلة أباتشي)". ومن ناحية أخرى قد تشير إلى التشابه، كأن نقول "الحديد أقرب صلة للألمونيوم من صلة أي منهما بزهور النرجس البري". في حالة حفريات الأنواع، العلاقات غير معروفة في المقام الأول، إذن أشجار تطور السلالات يتم تكوينها باستعمال العلاقات بالمعنى السابق. لكن العديد من التطوريين يراوغون بعد ذلك، مقترحين أنهم أثبتوا العلاقات بمعنى سلسلة النسب.
17. Ronald A. Jenner, “Macroevolution of animal body plans: Is there science after the tree?” BioScience 64 (2014): 653–664. doi:10.1093/biosci/biu099.
18. Gareth Nelson, “Presentation to the American Museum of Natural History” (1969), in David M. Williams and Malte C. Ebach, “The reform of palaeontology and the rise of biogeography,” Journal of Biogeography 31 (2004): 685–712. doi:10.1111/j.1365-2699.2004.01063.x.
19. Henry Gee, In Search of Deep Time: Beyond the Fossil Record to a New History of Life (New York: The Free Press, 1999), 32, 113–117.
20. John Barker and Judith Philip, “Phylogenetics of man-made objects: Simulating evolution in the classroom,” Science in School 27 (2013): 26–31. http://www.sciencein-school.org/2013/issue27/phylogenetics.
21. Ibid.