* ملحوظة: هذا المقال هو من كتاب (توقيع في الخلية: الدنا وأدلة التصميم الذكي) للمزيد يرجى مراجعة الكتاب.
عندما بدأ بعضنا ضمن مجتمع بحوث التصميم الذكي بتطوير ما اعتبرناه فهمًا استنتاجيًّا جديدًا لأصل وطبيعة الحياة، تعرضنا مرارًا وتكرارًا لانتقادات على أنّنا "لا نمارس العلم"، وفي الوقت الذي واجه فيه البرنامج الذي أقوده في معهد ديسكفري عام (2004 – 2005) فجأة هيجان التغطية الإعلامية المعادية، ظل الصحفيون يكررون الانتقاد نفسه، ألا وهو: "إنّ دعاة التصميم الذكي ليسوا بعلماء حقيقيين، لأنهم لا يقومون بأية تجارب بأنفسهم"، ثم طالب الصحفيون برؤية مختبراتنا، كما لو أنّ القيام بالتجارب هو النوع الوحيد من النشاط الذي يقوم به العلماء.
في ذلك الوقت، كنت أعرف أن هناك علماء في مختبرات حول العالم يدعمون نظرية التصميم الذكي، وقد قام بعضهم بإجراء التجارب لاختبار جوانب مختلفة من النظرية، وكان هذا أحيانًا بدعمنا المالي، وبجانب ذلك كنا فعلًا قد أنشأنا مختبراتنا الخاصة، رغم أنّنا قررنا إبقاءها في البداية بعيدة عن الرأي العام لحماية بعض العلماء والمشاريع الحساسة من محاولات تشويه السمعة السابقة لأوانها، وفي وقت لاحق، عندما كشفنا عن المختبر1، الـمُسمى بمعهد بيولوجيك Biologic Institute، اعترف النقاد أنفسهم أنّ علماءنا يقومون بمعالجة مسائل علمية هامة، ولكن حتى مع هذا ظل الكثيرون يحاولون وصم البحوث التجريبية في معهد بيولوجيك بكونها تنطلق من "دوافع دينية".2 على كل حال، ونظرًا لدوري في الإشراف على أبحاث الـتصميم الذكي في معهد ديسكفري، فقد كنتُ أعلم مباشرةً أنّ هذا النقد لنظرية التصميم الذكي غير دقيق، فهناك العديد من علماء التصميم الذكي في الحقيقة يعملون في المعامل ويجرون التجارب.
ولكن كما أظهر اكتشاف واطسون وكريك، حتى لو لم يقم دعاة التصميم الذكي بإجراء التجارب في المختبرات –وأنا شخصيًّا لم أكن أفعل ذلك– فإنّ هذا لا يعني بأنّنا لا "نمارس العلم"، والقول بذلك ينمُّ عن نظرة ضيقة الأفق للعمل العلمي، قام واطسون وكريك بإجراء العديد من التجارب خلال مسيرتهما الطويلة، ولكن جاء العمل الذي اشتهروا به نتيجة بناء نماذج على أساس البيانات التي حصلوا عليها كليًّا –تقريبًا– من مصادر أخرى، أي من المجلات العلمية والعلماء الآخرين في المختبرات الأخرى.
لم تتحقّق الاكتشافات العظيمة في العلم فقط على يد العلماء التجريبيين الذين قدموا معلومات وحقائق جديدة عن واقع الطبيعة، ولكن تحققت أيضًا على يد الباحثين النظريين الذين علمونا أن نفكر بأسلوب مختلف بالأشياء التي نعرفها مُسبقًا، ويقفز إلى الذهن من الأمثلة على هذا النوع من العمل العلمي: كتاب "عن دوران الأجرام السماوية De revolutionibus orbium coelestium" لكوبرنيكوس، وكتاب "القواعد الرياضية للفلسفة الطبيعية “Principia لنيوتن، وأبحاث "السنة المعجزة annus mirabilis" التي نشرها آينشتاين عام 1905 المليء بالأبحاث المهمة التي قام بها، إذ أنه وخلال عمله كموظف في مكتب تسجيل براءات الاختراع، ودون الحصول على أية أجهزة تجريبية، أعاد آينشتاين النظر في الإطار الكامل للفيزياء الحديثة، وأزال بهذا العديد من الإشكالات التي أربكت العلماء سابقًا.2
تشارلز داروين أيضًا لم يكن له نصيب من العلم التجريبي إلا القليل، لقد أجرى بالفعل العديد من الدراسات الوصفية للبرنقيل barnacles والديدان وبعض الدراسات التجريبية حول كيفية انتشار الأنواع من خلال نثر البذور والعمليات الأخرى، ولكن رائعته "عن نشأة الأنواع بالانتقاء الطبيعي" لا تحتوي على معادلة رياضية واحدة، ولا على أي تقرير لبحوث تجريبية أصلية، لكنّه مع ذلك صاغ نظرية علمية كبيرة، وقد قام بذلك عن طريق تجميع الخطوط المتباينة من الأدلة المُشاهدة، وعرض حجةً لصالح تفسير جديد لهذه الأدلة.
بالطبع قام داروين ببعض المُلاحظات التي تدعم نظريته بنفسه، ولكنّه حتى لو لم يقم بذلك، فهذا ليس من شأنه أن ينتقص من قدر نظريته، إذ تماثل طريقة داروين بالبحث طريقة العديد من علماء التاريخ الطبيعي الآخرين الذين كانوا أشبه بالمحقق الذي يحل اللغز بجمع الأدلة وصياغة حجة على متهم، أكثر من شبههم بالعلماء التجريبيين النمطيين الذين يقومون باختبار الفرضيات تحت شروط مخبرية مراقبة بعناية.
1. أسسه دوجلاس أكس (الحاصل على الدكتوراه في الهندسة الكيميائية من كالتيك وباحث فيما بعد الدكتوراه في البيولوجيا الجزيئية في جامعة كيمبردج) وأصبح يعمل مع مجموعة من الباحثين على تطوير واختبار الأدلة العلمية حول التصميم الذكي واستكشاف المقتضيات العلمية لذلك، وكذلك للقيام بالتجارب والمحاكاة الحاسوبية لاختبار المعوقات الوظيفية والبنيوية أمام التطور. (المترجم)
هناك العديد من الأبحاث التي نشرها أعضاء المعهد سواء قبل نشر كتاب توقيع في الخلية أو بعده، نذكر منها:
Reeves MA, Gauger AK, Axe DD (2014) Enzyme families—Shared evolutionary history or shared design? A study of the GABA-aminotransferase family. BIO-Complexity 2014 (4):1−16. doi:10.5048/BIO-C.2014.4.
Wells J (2014). Membrane patterns carry ontogenetic information that is specified independently of DNA. BIO-Complexity 2014 (2):1–28. doi:10.5048/BIO-C.2014.2
Ewert W, Dembski WA, Marks II RJ (2013) Active Information in Metabiology. BIO-Complexity 2013 (4):1–10. doi:10.5048/BIO-C.2013.4
Ewert W, Dembski W, Marks II RJ (2012) Climbing the Steiner tree—Sources of active information in a genetic algorithm for solving the Euclidean Steiner tree problem. BIO-Complexity 2012(1):1-14. doi:10.5048/BIO-C.2012.1
Ewert W, Dembski WA, Gauger AK, Marks II RJ (2012) Time and information in evolution. BIO-Complexity 2012 (4):1–7. doi:10.5048/BIO-C.2012.4
Leisola M, Pastinen O, Axe DD (2012) Lignin—Designed Randomness. BIO-Complexity 2012 (3):1–11. doi:10.5048/BIO-C.2012.3
Axe DD, Lu P, Flatau S (2011) A Stylus-generated artificial genome with analogy to minimal bacterial genomes. BIO-Complexity 2011(3): 1-15. doi:10.5048/BIO-C.2011.3
Gauger AK, Axe DD (2011) The evolutionary accessibility of new enzyme functions: a case study from the biotin pathway. BIO-Complexity 2011(1):1-17. doi:10.5048/BIO-C.2011.1
Axe DD (2010) The case against a Darwinian origin of protein folds. BIO-Complexity 2010(1):1-12. doi:10.5048/BIO-C.2010.1
Axe DD (2010) The limits of complex adaptation: An analysis based on a simple model of structured bacterial populations. BIO-Complexity 2010(4):1-10. doi:10.5048/BIO-C.2010.4
Gauger AK, Ebnet S, Fahey PF, Seelke R (2010) Reductive evolution can prevent populations from taking simple adaptive paths to high fitness. BIO-Complexity 2010(2):1-9. doi:10.5048/BIO-C.2010.2
Montañez G, Ewert W, Dembski WA, Marks II RJ (2010) A vivisection of the ev computer organism: Identifying sources of active information. BIO-Complexity 2010(3):1-6. doi:10.5048/BIO-C.2010.3
2. Biever, Celeste (2006). The God Lab, NewScientist, 192(2582), 8–11.
3. أنا لا أستشهد، بالطبع، بمثل هذا العبقري للمطالبة بمكانة مماثلة، ولكن بدلاً من ذلك لتسليط الضوء على شرعية شكل معين من البحث العلمي؛ الشكل الذي ألهمت اتباعه من خلال إعجابي بهذه الأمثلة من الجرأة والاستعداد للتفكير "خارج الصندوق" وإدراك الاحتمالات التي لم يتم أخذها في الاعتبار من قبل، حتى من قبل الآخرين الذين لديهم إمكانية للوصول إلى نفس الحقائق.