"إذا كان المرء لا يؤمن بوجود إله ليُحاسبه، إذن ما هي الفائدة من محاولة تعديل تصرفاتك لتبقى في الحدود المقبولة؟! هذا ما اعتقدته على أي حال، كنت دائمًا أعتقد بأن نظرية التطور حقيقة، بأننا أتينا من الوحل: عندما نموت، لا يوجد شيء!"
- السفاح الملحد جيفري دامر
"If a person doesn’t think there is a God to be accountable to, then—then what’s the point of trying to modify your behavior to keep it within acceptable ranges? That’s how I thought anyway. I always believed the theory of evolution as truth, that we all just came from the slime. When we, when we died, you know, that was it, there is nothing…"
- Jeffrey Dahmer, Interview with Stone Phillips, Dateline NBC, Nov.29, 1994.
البط الأسود
لا شك أن طلب الشعور بالتميز هو أحد مداخل الهوى والغرور عندما ينشأ من نقصٍ حقيقي في النفس وليس عن استحقاق ممدوح من الآخرين، مثل ذلك مثل الأعرابي الذي أحزنه عدم شهرته بين الناس، فلمّا قدِمَ مكةَ -وعلى طريقة خالِف تُعرف- تبولَ في بئر زمزمَ وتحمل الضرب واللوم على ذلك فقط ليشتهر!
ومن هنا حُق لنا أن ننظر إلى رؤية الملحدين لأنفسهم على أنهم (البط الأسود) الشاذ وسط سائر البط فاتح اللون! لأنه -وفي نفس الوقت أيضًا- يراهم الناس بالفعل عنصرًا شاذا بينهم، فما هو السبب يا ترى؟ ولماذا تتفق سائر المجتمعات في العالم على استبعاد (البط الأسود) من بينها أو النظر إليه نظرةً دونيةً لا ترتقي للاحترام الحقيقي -وبعكس محاولات التلميع الإعلامي المستمر- للملحدين؟
سر التميز؛ نقمة عند الملحدين
نظرت يومًا في حالهم لأعرف سر اضطهاد الناس والمجتمعات لهم؟ فهم من كل مستويات الحياة من الشاب الصعلوك إلى العاهرة إلى الدكتور الجامعي إلى الموظفة المُتعلمة وحتى منهم عالم الفيزياء أو الأحياء. بل وكذلك ما قد يصدر عنهم من جرائم أو تعديات فلن أكذب وأنفي إمكانية صدور مثلها من أصحاب الديانات أو العلمانيين!! إذن: ما هو سبب التميز (المذموم) الذي يجعلهم في خانة المنبوذ دومًا كما أشرنا إليه في مقالة سابقة(1) حيث رأينا فيها مثلا عنوان مقالة موقع الـ NCBI الشهير، عن عدم الثقة مطلقا في الملحدين(2):
"Do you believe in atheists?: Distrust is central to anti-atheist prejudice"
حيث اعتمد المقال على نتائج الدراسة التي قام بها البروفيسور ويل جيرفيس Will Gervais وزملاؤه وتم نشرها في مجلة (عِلم النفس الاجتماعي والشخصي) Journal of Personality and Social Psychology حول سبب عدم الثقة في مُعاملة الملحدين.
وكذلك عنوان مقالة موقع Scientific American بعنوانها التهكمي: نحن لا نؤمن بالملحدين(3): "In Atheists we distrust"
أو المقال البحثي بجريدة Washington Post والذي يتساءل: لماذا لا زال الأمريكيون لا يُحبون الملحدين؟(4)
"Why do Americans still dislike atheists".
وذلك بناء على الدراسات الاستقرائية التي أكدت أن نسبة كراهية الملحدين في أمريكا وحدها بلغت 39.6%، وهو ما عبرت عنه جريدة News Junkie Post الشهيرة في عنوانها الصريح (Research Finds that Atheists are Most Hated and Distrusted Minority) عن أكثر الفئات كرها وانعدام ثقة.(5)
أقول: نظرت فيما يُميز الملحدين لكي يُصاحبهم ذلك الازدراء الدائم لهم في المجتمعات على اختلاف توجهاتها (إسلامية – نصرانية – دينية – علمانية) فوجدت أنه (انعدام الثوابت البديهية والمرجعية الأخلاقية أو القيمية لهم).
فكل المؤمنين -على اختلاف طوائفهم- يرضون بالثوابت البدهية العقلية ويقتنعون بها، مثل بديهة وجود صانع وخالق لكل هذا الكون الدقيق والمخلوقات المُحكمة، وأن العدم لا يخلق شيئا، واستحالة ظهور وعي وإرادة من مادة صماء بغير إله، وهو ما لا يتصف به الملحدون للأسف لكي يستقم لهم إلحادهم وتهربهم من الاعتراف بالله!
أيضًا كل المؤمنين لهم مرجعيات أخلاقية أو قيمية يُمكن أن تحاكمهم إليها إذا أخطأوا أو مالوا عنها -وحتى العلمانية كذلك لها قواعدها التي تقننها مثل احترام القوانين وعدم التعدي على الحقوق والحريات الشخصية ونحوه- إلا الإلحاد! فإنه يتجلى لنا شذوذه في هذه النظرة العدمية لأي مرجعية يمتلكها سواء في الأخلاق أو القيم أو القوانين أو الحريات.
ولا شك أن ذلك نابعٌ من غياب المفهوم الوجودي (الإيجابي) للملحد، وإلا فلكم أن تتخيلوا ملحدَا لا يرى في نفسه ولا غيره إلا مجموعة ذرات بلا روح تجمعت بالصدفة من غير هدف، ثم هي تتفرق أيضًا بعد عمر طويل أو قصير بلا أي قيمة ولا غاية وجودية في الحياة!! فملحد بهذه المرجعية لا يُتوقع منه إلا أن يكون إله نفسه، ومفهوم الصواب والخطأ عنده نسبي حسب حاجاته وشهواته وميوله ونزواته، حيث لا رادع يردعه عن الإجرام ونيل ما يريد إذا شعر بغياب الرقيب أو الحسيب، وذلك بعكس المؤمن والذي لديه تجسيد دائم للضمير الحي وملازم لفكره وداخلة نفسه سواء التزم به أو خرقه في بعض الأحيان.
لن نطيل في شرح هذه الخلفية العدمية للإلحاد والملحدين ولكن ننتقل إلى مظاهرها العملية التي تجعل من (المواطن الملحد) بطًا أسودًا شاذا بالفعل لا يرغب فيه أحد!
وصدقوني ستعجبون كثيرًا مما ستقرؤونه بعد قليل من تحليل الملحدين لأنفسهم جرائم قتل وإبادة واغتصاب وخيانة زوجية حسب الحاجة والشهوة التي لا مُحدد لها عندهم!
الانتماء والتضحية
إن الشعور بالانتماء والتضحية في الإنسان لا يمكن تغذيته ماديًا ولا بكل مال العالم وكنوزه، فقط المعتقدات والدوافع النفسية الاجتماعية والأسرية هي الرافد الوحيد له، وهو الشيء الذي يعرفه كل قادة العالم من ساسة وحكام وملوك، ولذلك ترى في الجيوش المؤمنة أنه يتم استدعاء وإشعال هذه الحالة الوجدانية من الانتماء والتضحية قبل أي معركة أو تحرك حاسم قد يتعرض فيه الجندي للإصابة أو القتل! –وهو نفس ما سمعناه من آبائنا عمّا تم معهم قبيل حرب 6 أكتوبر 1973م من زيارات لشيوخ ودعاة لمعسكرات الجنود لإشعال الحس الديني لديهم-.
والآن نعود إلى المقياس الإلحادي ونسأل: في أي مرجعية إلحادية أو قيمية نجد أنه لبعض الذرات المادية للآخرين الأولوية في البقاء على حساب ذرات جسد الملحد؟! أو حتى تستحق الإصابة من أجلها ولن نقول الموت!! العجيب أن علاقات الأبناء والآباء نراها تتحطم كذلك على أعتاب آليات البقاء للأقوى وتحت أقدام مؤسسي الأفكار الإلحادية المادية والتطورية التي يتغذى على أفكارها وإلهاماتها الملحدون، بل وإلى الدرجة التي نجد فيها داروين نفسه في كتابه (أصل الأنواع) يفترض وقوع مثل هذه الصراعات بين الأبناء للقضاء على الآباء والحلقات الوسيطة في التطور في زعمه(6)!
إذن -وبميزان اجتماعي نفسي بحت- فالملحد أبعد ما يكون عن الشعور بالانتماء أو التضحية -والتي تتخطى امتناع التضحية بالإصابة أو الموت إلى امتناع التضحية بالمال وبكل شيء لو صح إلحاده- فهل مثل هذا الصنف من (المواطنين) يرغب فيه أحد؟!
الأمانة وشهادة القضاء
لقد تكررت واقعتان مشهورتان للشعب الأمريكي كان الحدث المشترك فيهما هو انقطاع الكهرباء عن أكثر من ولاية في وقت واحد حتى أنهم يسمون الواقعة الواحدة منهما بـ (اليوم الأسود)، وتجدونه في أفلامهم الوثائقية الإنجليزية وفي أخرى مترجمة للعربية باسم (أمريكا في الظلام).(7)
في مثل هذه الوقائع رأى العالم القيمة العملية لمعنى كلمة (الضمير) الديني والإنساني، وكيف أن ذلك الضمير الذي يسبح ضد المادة وأنانية الإلحاد له أكبر الأثر في ضبط الأمان المجتمعي في حال ضعف أو غياب المراقبة (الرسمية) أو (الحكومية) في البلاد!
ففي الحالة العادية نرى التزام الأمانة في كل المحلات التجارية أو السوبر ماركت أو المولات الكبيرة، ونرى الأمن -من المفترض- وهو يخيم على الكثير من الشوارع والمنازل والبيوت لوجود الأمن والشرطة في الجوار يشاهدون ويراقبون ولكن: ماذا عندما تنقطع الكهرباء أو الطاقة فتتوقف كاميرات المراقبة والتصوير ويسود الظلام الشوارع والمنازل والبيوت؟
نقول أنه بالنسبة للمؤمن بإله رقيب حسيب مُطلع على كل أحواله: فلن يفرق الأمر معه كثيرًا لأنه إذا غاب النور فإن رب الظلمة والنور لا يغيب!! ولأنه إذا هرب المجرم بفعلته في الدنيا فماذا سيفعل في حساب الآخرة أمام مَن لا تخفى عنه خافية؟!
ورغم أن السرقة والتعدي يمكن صدورهما من مؤمن ضال مُخطئ أو مُذنب كما قلنا، إلا أن المؤمن أو العلماني تستطيع أن تحاكمه إلى مرجعيته الأخلاقية أو القيمية فتقيم عليه الحُجة، حيث يُمثل التفكير في ذلك بالنسبة له رادع (عقلي) و (قلبي) أولي قبل الشروع في أي تعدي أو جريمة، ولكن الملحد: من أين له بمثل هذا الرادع إلا خوف العقاب وهو ما سقط بسقوط الرقابة وكاميرات التصوير وحلول الظلام الدامس؟
هذا مثال بسيط وسريع على مفهوم (الأمانة) من حيث وجودها عند المؤمن والملحد، ويُقاس على ذلك المثال أمثلة كثيرة جدًا لا تنتهي من حياتنا اليومية للأسف ولا يُمكن فيها الوثوق أبدَا بأمانة الملحد لانعدام هذه المرجعية الأخلاقية أو القيمية لديه والتي تبيح له فعل وتسويغ أي شيء في أي وقت حسب مصلحته وحسب شهوته!! بدءًا من العثور على ورقة نقود في الشارع دون أن يره أحد، وانتهاءًا بخيانة الأعراض والزوجات للأقارب والجيران والمعارف والأصدقاء!
فإذا كان الوضع كذلك، فما هي نسبة صحة شهادة الملحد في المحاكم؟!! ولكم أن تتصوروا الفاجعة....
لقد نشأنا منذ الصغر ونحن نرى في بلادنا الإسلامية والعربية -وحتى الأجنبية كما في الأفلام والمسلسلات– حرص القاضي دومًا على أن يؤدي الشاهد اليمين أو القسم أو الحلف وذلك لإحراجه أمام ضميره –ذلك الضمير اللامادي الذي لا يعترف بوجوده الملحد أصلا- وهنا لنا أن نتخيل ذلك الموقف المُضحك عندما يقف الملحد في القاعة ويطلب منه القاضي أداء اليمين، فعلى ماذا سيُقسم وبماذا يَدين؟!
هي صورة هزلية في الحقيقة أنتجتها انعدامية معاني الأخلاق والأمانة لدى الملحد المادي لتحل محلها معاني المصلحة الشخصية أو الانتهازية أو مصلحة مَن يدفع أكثر؟
ونفس ما قيل في حديثنا عن الأمانة من احتمالية وقوع مثل هذه الخيانات من مؤمنين -ولا ننكر ذلك رغم أنه يُرفع عنهم وصف الإيمان في تلك اللحظة- إلا أنه وكما وضحنا من قبل فهناك فارقٌ جوهريٌ في وجود رادع عقلي قلبي قبل الجريمة؟
وهو ما يجعل المؤمن مترددًا قبلها أو ينزع للتوبة بعدها، أما عند الملحد فلا. يقول تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء 58.
وهذا ينطبق على رد الودائع والتعامل بالأمانة مع المسلم والكافر على حدٍ سواء، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغم كل ما عاناه من كفار مكة قومه: إلا أنه راعى أمانته معهم حيث كانوا يودعونه أشياءهم رغم عدائهم له -وكيف لا وهم الذين عرفوه طول حياته بالصادق الأمين؟!-. فنراه في الهجرة يترك عليًا رضي الله عنه في بيته ليرد لهم ودائعهم وأمانتهم.
وأما في شهادة الحق فيقول جل في علاه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) النساء 135. والآية لا تحتاج إلى شرح، وقد عدّها القائمون على كلية القانون بجامعة هارفارد Harvard University إحدى أعظم مقولات العدل في التاريخ الإنساني!! فاختاروها لتكون من ضمن المنقوش على الحائط الرئيسي المواجه للمدخل.(8)
فهل رأينا معًا إلى أي مدى سيكون تأثير (المواطن الملحد) في أمن وأمان وأمانة المجتمعات؟ طبقوا تلك الرؤية إذن بشكل أوسع في الأعمال الهامة والحساسة لأي دولة أو مجتمع مدني بل وفي مسائل الزواج والتربية والتعليم والرعاية. نطالع مثلا في المقالة التي أشرنا إليها أعلاه (نحن لا نؤمن بالملحدين)؛ أن أغلب الأمريكيين لا يقبلون أن يُدرس لأبنائهم مدرسا ملحدا.
لماذا هؤلاء صادقون مع أنفسهم في استبعاد (المواطن الملحد)؟
يقول الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي (توفي 1881م) في آخر وأروع رواياته التي تغوص في النفس الإنسانية بمشرطها الدقيق –قصة الإخوة كارامازوف-: " لو لم يكن هناك إله، فكل شيء مُستباح"!(9)
وهو مصداق ما قاله من قبله الفيلسوف والطبيب والمفكر الإنجليزي جون لوك John Locke أحد مؤسسي الدولة المدنية الحديثة (توفي 1704م): "لا يمكن التسامح على الإطلاق مع الذين يُنكرون وجود الله... فالوعد والعهد والقسَم من حيث هي روابط المجتمع البشري: ليس لها قيمة بالنسبة إلى الملحد!! فإنكار الله حتى لو كان بالفكر فقط: يُفكك جميع الأشياء".(10)
وهكذا لا تنتهي سلسلة الحُكم العاقل على (البط الأسود) بالشذوذ والإفساد النفسي والمجتمعي وإلى اليوم، وقد اخترنا مقالة اثنين فقط من القدامى لنرى دقة نظرتهم في الملحد الذي وصل اليوم لأشنع مما كان عليه في وقتهم بكثير!!
فإلى أي مدى صدقت توقعاتهم تلك؟
إفساد العلم
الملحد هو الشخص الوحيد الذي إذا رأى ماكينة ما وتوصل إلى كيفية عملها: فعليه أن ينفي ساعتها أن يكون لها صانع! لأن هذا هو ملخص إلحاده المزعوم عندما ينظر لأي ظاهرة في الكون أو المخلوقات فيزعم أنه ليس لها خالق ولا صانع طالما استطاع أن يعرف طريقة عملها أو تأديتها لوظيفتها! أيضًا هو الوحيد الذي إذا جلس أمام برنامج حاسوبي ولم يعرف وظيفة أحد الأزرار: فعليه أن ينفي ساعتها أن يكون للبرنامج صانع أو مبرمج أو مُصمم!
فبئس العلم ساعتها؛ هذا العلم الذي يزدري العقل والمنطق! ولا ينتهي الشذوذ والإفساد عند هذا الحد، ولكن نرى المزيد من تدليسات (المواطن الملحد) للحقائق عندما يزعم أن العلم لا يؤمن بوجود إلا كل ملموس ومُشاهد!! فهذا لعمرُ الله داءٌ ما له دواء عند العقلاء!! إذ معلوم أن العلماء قد أثبتوا وجود الجاذبية الأرضية مثلا والإلكترونات والفوتونات وغيرها من مجرد آثارهم فقط رغم أنه لم يرهم أو يلمسهم أحد!! وقد شرحنا كل ذلك من قبل في مقالة العدد الماضي.(11)
العجيب هنا -وعلى النقيض من ذلك- نرى الملحد يستميت في إثبات خرافاته الإلحادية وخيالاته الافتراضية -فكرة التطور كمثال- بغير دليل مادي واحد ملموس حسب طريقة تفكيره!! وذلك إما بالمسارعة إلى (إله فجوات) خاص به لتفسير كل ما يجهله من وظائف الأعضاء بكونها أدلة على التطور
-ومثلما يفعل تحت مُسمى الأعضاء الضامرة أو الجينات الخردة- وإما بالمزيد من تأليف القصص الوهمية عن التطور في الماضي السحيق والتي لم ولن يرها أحد، وإما بمزيد من الغش والتزوير لأدلة على التطور ما تلبث إلا أن تنكشف -مثل تزويرهم وتأليفهم للعديد من حفريات الكائنات الوسيطة التي لم توجد في الحقيقة-.
وهنا سنكتفي بمثال واحد صغير ليتعرف الناس على نوع (المواطن الملحد) في العلوم كيف يكون؟
ففي تسعينات القرن الماضي تم العثور على قطعة عظم من ضلع دولفين، ولكن التطوريون –وعلى الفور– قالوا أنها من بقايا ترقوة سلف الإنسان –هل تتخيلون من قطعة عظم واحدة يفترون الأكاذيب العلمية بكل بساطة واستخفاف بعقول البسطاء وغير المختصين!– وبالطبع سرعان ما تم اكتشاف الأمر، وليُعلق عليه الدكتور تيم وايت Tim White أستاذ الأنثروبولوجيا التطورية بجامعة كاليفورنيا بيركلي قائلا: "المشكلة مع الكثير من علماء الأنثروبولوجيا هي رغبتهم المُلحة لإيجاد أسلاف الإنسان، لذلك فإن أي شظايا من العظام تصبح عظامًا لأسلاف الانسان".(12)
الاستخفاف بالحياة والبشر
حيث كما قلنا من قبل أن الملحدين ينظرون إلينا كمجموعة من الذرات لا أكثر ولا أقل؟! -تلك النظرة المادية البحتة الخالية من أي قيمة أو مشاعر أو هدف أو غاية-. يقول أشهر علماء الفيزياء والفلك الملحدين ستيفن هوكينج Stephen Hawking: "الجنس البشري ليس إلا حثالة كيميائية على سطح كوكب متوسط الحجم".(13)
فإذا كانت هذه هي نظرة عالم من علماء الملاحدة!! فكيف بعوام الملاحدة وسفهائهم؟!
وهذا ملحد تطوري آخر وهو السير/ ديفيد أتنبره David Attenborough يقول: "أوقفوا إطعام أمم العالم الثالث لتقليل عدد سكان العالم".(14)
فالويل الويل لهذا العالم الذي عندما تولى فيه الملحدون مقاليد السياسة والحكم العسكري أبادوا الملايين من شعوبهم وشعوب غيرهم لأتفه الأسباب ولفرض الإلحاد والشيوعية عليهم – مثل ستالين ولينين وماو تسي تونغ وبول بوت وغيرهم -، وأما علماؤهم ومفكريهم فلا يجب أن ننتظر منهم (بوصفهم مواطنين ملحدين) إلا الأقوال العدمية المحضة والتي لا تحمل إلا موتا بطيئا للفقراء والضعفاء في سبيل راحتهم الخاصة!
سهولة الجريمة ما دام لا حساب بعد الموت
حيث نرى مثلا القاتل السفاح جيفري دامر Jeffrey Dahmer والذي قتل 15 من الشباب تقريبًا وقطع أجسادهم وكان أحيانا يسلخ ويأكل أجزاءً منهم أو يحتفظ بهياكلهم العظمية، يقول في لقاء مع NBC والمذيع ستون فيليبس 1994م بعد القبض عليه: "إذا شخص لا يؤمن بوجود إله ليُحاسبه، إذن ما هي الفائدة من محاولة تعديل تصرفاتك لتبقى في الحدود المقبولة؟! هذا ما اعتقدته على أي حال، كنت دائمًا أعتقد بأن نظرية التطور حقيقة، بأننا أتينا من الوحل: عندما نموت، لا يوجد شيء".(15)
"If a person doesn’t think there is a God to be accountable to, then—then what’s the point of trying to modify your behaviour to keep it within acceptable ranges? That’s how I thought anyway. I always believed the theory of evolution as truth, that we all just came from the slime. When we, when we died, you know, that was it, there is nothing…".
وبالطبع ليس كل (المواطنين الملاحدة) يقع القبض عليهم متلبسين بجرائمهم مثل هذا السفاح، فهناك آخرون يؤسسون لمثل هذه المصائب في كتبهم وكلامهم وقليلا مَا يلتفت إليهم أحدٌ للأسف، منهم الملحد الشهير سام هاريس Sam Harris الذي يُمهد لأي جريمة إنسانية بتطبيقه لنفس آليات التطور المزعوم -مثل البقاء للأقوى أو الأصلح أو تمرير الجينات إلخ-حيث يقول عن جريمة الاغتصاب: "لا يوجد شيء طبيعي أكثر من الاغتصاب. البشر تغتصب، الشيمبانزي تغتصب، الأورانجتون تغتصب، الاغتصاب من الواضح هو جزء من الاستراتيجية التطورية لتمرير جيناتك إلى الجيل اللاحق".(16)
"..there's nothing more natural than rape. Human beings rape, chimpanzees rape, orangutans rape, rape clearly is part of an evolutionary strategy to get your genes into the next generation".
إفساد العلاقة بين الجنسين
ولا نعني هنا فقط الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية كما يسمونها، ولكننا سنذهب أبعد من ذلك لنتأكد بأنفسنا من أن الملحد لا قانون ولا مرجعية أخلاقية ولا قيمة واحدة عنده ثابتة إلا ما يشتهي ويريده كالحيوان: فساعتها يُبرره!! ولذلك كان من الصعوبة بمكان أن يرضى إنسان أو إنسانة بأن يكون شريك حياته ملحدًا وكما سنرى بعض الأسباب الآن.
فهذا أشهر علماء الملاحدة البيولوجيين ريتشارد دوكينز Richard Dawkins في مقالته (إبعاد الوحش ذي العين الخضراء Banishing the Green-Eyed Monster)ـ(17) يؤكد لقرائه كيف أن (الخيانة الزوجية) لا شيء فيها البتة من منظور الطبيعة المادية الحيوانية، بل ويتساءل: "لماذا كل هذه الهواجس حول الإخلاص لزوجة واحدة؟ لماذا نعتبر كلمة الغش هي الوصف لذلك؟! ولماذا يشعر الإنسان بأن له ملكية خاصة في جسد إنسان آخر".
Returning to the original topic of sex outside marriage, I want to raise another question that interests me. Why are we so obsessed with monogamous fidelity in the first place? Agony Aunt columns ring with the cries of those who have detected -or fear- that their man/woman (who may or may not be married to them) is "cheating on them". "Cheating" really is the word that occurs most readily to these people. The underlying presumption -- that a human being has some kind of property rights over another human being's body -- is unspoken because it is assumed to be obvious. But with what justification
وياليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل تخطاه إلى ممارسة الجنس مع الحيوانات كذلك، وأنعِم وأكرم بالمواطن الملحد الذي لا حدود لأقواله ولا تصرفاته. فها هو الملحد بيتر سينجر Peter Singer برفسور جامعة بريستون التطوري يقول في فيديو علني: بما أننا -أي الملحدين المعترفين بالتطور- حيوانات أو قردة عليا؛ فلا يجب أن يكون هناك عقاب للبهيمية! (وتسمى Bestiality أي ممارسة الجنس مع الحيونات).(18)
We are animals, indeed more specifically, we are great apes.
ويقول في كتابه (تحرير الحيوان Animal Liberation) بعدم منع (البهيمية) إلا لو كان فيها عنف(19)!
Humans and animals can have "mutually satisfying" sexual relationships. Bestiality should remain illegal if it involves cruelty, but otherwise is no cause for shock or horror.
فبالله عليكم: أي بلد وأي عقلاء يرضون بمثل هذا التفكير الشاذ والقذر من (البط الأسود)؟ أو حتى يسمحوا له بالتواجد الفعلي والعلني بينهم عن طيب نفسٍ ورضا؟!
الخاتمة: مواطن غير صالح للتعايش
ولو شئنا لأطلنا في تعديد مساوئ (المواطن الملحد)، ولكن ما ذكرناه يغنينا عن المزيد في كل نقطة من نقاطه، ونختم فقط بهذه الصفات (الشخصية) للملحدين والتي تم تجميعها من دراسات أجنبية لنرى عن قرب كيف سيكون التعايش مع (البط الأسود) في المجتمع؟
فقد قامت جامعة تينيسي بأمريكا بعمل بحث مُجمع من أكثر من دراسة على غير المؤمنين (ملاحدة - لاأدرين - لادينين).(20) وخرجت بنتيجة أن غير المؤمنين مُغلقين الفكر، ونرجسيين بطريقة مثيرة للاهتمام.
نقول: وهذه هي الصفات التي تناسب الملحدين بالفعل لأنهم يدافعون عن قضايا ساقطة عقليًا ومنطقيًا وعلميًا!! ويؤكد ذلك ما بينته الدراسة أيضًا من أن 85% من غير المؤمنين يتسمون بصفات: (الغضب - الجدلية - الدوغمائية). وتعليقنا على ذلك أنهم لو كانوا على حق: ما كان هناك من داعي لدوغمائيتهم وسفسطتهم المعروفة للدفاع عن باطل لا يصح.
وفي اختبار نفسي آخر في نفس البحث: سجل الملحدون أعلي معدلات في صفات (النرجسية - الدوغمائية - الغضب - أقل معدلات في القبول وإيجابية العلاقات مع الآخرين).
وهذا بحث أمريكي آخر من جامعة كامبريدج(21) ينتقد فيه الإلحاد ويظهر مدي سخافة أفكاره وانعدام هدفه وغايته وقيمته في الحياة، بل ويسرد وقائع تاريخية على ذلك -والبحث مليء بالتفاصيل الكثيرة والهامة جدًا التي نرجو أن نترجمها في مقال منفصل قريبًا إن شاء الله-.
العجيب أن نفس هذه النتائج هي التي طالعتنا بها الدراسة الشهيرة منذ 2004م والتي نشرتها مجلة رابطة الأطباء النفسانيين الأمريكيين American Psychiatric Association على موقعها الرسمي عن العلاقة بين الانتماء الديني ومحاولات الانتحار.(22) حيث أثبتت الدراسة أن الإيمان والاستقرار الأسري يقللان كثيرًا من نسبة الانتحار المتزايدة عند الملحدين، حيث تقلل من (عدوانيتهم) الزائدة عن المؤمنين وكذلك الميل إلى (الغضب) و(الاندفاع) المتناسب مع اضطراباتهم النفسية والاجتماعية للأسف.
إذن الخلاصة: لا يصلح (المواطن الملحد) إلا كـ(بط أسود) شاذ ومنبوذ من أي مجتمع محترم يحافظ على أهله، وأهله يحافظون عليه.
المراجع:
(1) السينما واللاوعي: الخطاب الشعبي للإلحاد، العدد الثاني من مجلة براهين.
(2) Gervais WM, et al, "Do you believe in atheists? Distrust is central to anti-atheist prejudice", J Pers Soc Psychol. 2011 Dec;101(6):1189-206. doi: 10.1037/a0025882. Epub 2011 Nov 7.
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/22059841
(3) Daisy Grewal, "In Atheists We Distrust ", Scientific American, January 17, 2012.
http://www.scientificamerican.com/article/in-atheists-we-distrust/
(4) Gregory Paul and Phil Zuckerman, "Why do Americans still dislike atheists?", The Washington Post, April 29, 2011.
http://www.washingtonpost.com/opinions/why-do-americans-still-dislike-atheists/2011/02/18/AFqgnwGF_story_1.html
(5) Ole Ole Olson, " Research Finds that Atheists are Most Hated and Distrusted Minority", NEWS JUNKIE POST, Sep 19, 2009 at 11:31 am. http://newsjunkiepost.com/2009/09/19/research-finds-that-atheists-are-most-hated-and-distrusted-minority/
(6) تشارلز داروين، "أصل الأنواع"، الإصدار السادس 1872م بزيادة الباب السابع - نسخة المشروع القومي المصري للترجمة 2004م – صـ 283.
(7) يمكن مشاهدة آخر الواقعتين في فيلم وثائقي تابع لقناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي، ويمكن مشاهدته مدبلجًا على اليوتيوب في قناة DocumentaryHD3 على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=0QZxFbGd4aI
(8) يُعتبر المُبتعث السعودي إلى الولايات المتحدة الأمريكية "عبد الله الجمعة" هو أول مَن تنبه إلى هذه الآية المنقوشة مع غيرها على حائط كلية القانون فالتقط هذه الصورة التي نقلناها عنه من موقع " تويتر" – وهذا رابط النصوص المنقوشة على هذا الحائط:
http://library.law.harvard.edu/justicequotes/explore-the-room/west/
(9) رواية (الإخوة كارامازوف) The Brothers Karamazov –الكتاب الحادي عشر Book Eleven: Brother Ivan Fyodorovich وهي آخر مؤلفات فيودور قبل موته.
(10) جون لوك، "رسالة في التسامح"، نسخة المشروع القومي المصري للترجمة 1997م، ص 57.
(11) العلم بين الإيمان والإلحاد، العدد الثالث من مجلة براهين.
(12) Dr. Tim White- Evolutionary anthropologist -University of California at Berkeley - New Scientist, April 28, 1983, p199.
(13) Stephen Hawking, Reality on the Rocks: Beyond Our Ken, 1995.
(14) Anthony Gucciardi, " David Attenborough: Stop Feeding Third World Nations to Reduce Population", Infowars.com, September 18, 2013.
(15) Jeffrey Dahmer, in an interview with Stone Phillips, Dateline NBC, Nov.29, 1994.
رابط اللقاء المُصور كاملا على اليوتيوب:
http://www.youtube.com/watch?v=vPMBfX7D4WU#t=11
(16) ABC Radio National, Stephen Crittenden interviews Sam Harris.
(17) Banishing the Green-Eyed Monster
http://old.richarddawkins.net/articles/1926-banishing-the-green-eyed-monster
(18) https://www.youtube.com/watch?v=2pG01ASbgyM
(19) أقوال وآراء الملحد بيتر سينغر في الجنس مع الحيوانات:
http://fixedreference.org/en/20040424/wikipedia/Peter_Singer
(20) راجع: http://www.atheismresearch.com
(21) رابط الدراسة:
http://www.investigatingatheism.info/meaning.html
ولكن تعطل مؤخرًا، فيمكن الاطلاع عليه من موقع أرشيف: https://web.archive.org/web/20131102071416/http://www.investigatingatheism.info/meaning.html
(22) Kanita Dervic, et al, "Religious Affiliation and Suicide Attempt", Am J Psychiatry. 2004 Dec;161(12):2303-8.