لماذا هذا الكتاب؟!
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد...
إن مؤلف هذا الكتاب فلكي وعالم كونيات مرموق، يريد أن يشارك القراء فكرته الأساسية التي أثارت اهتمامًا واسعًا منذ طرحها. لم يستطيع الفلكي مارتن ريس أن يكبت فضوله ويدير ظهره لحقيقة مذهلة عن هذا الكون، ألا وهي أنه لم يكن ليكون على الهيئة التي هو عليها الآن من دون الضبط الدقيق الذي تفصح عنه قوانينه. يقول تيم رادفورد Tim Radford الكاتب في صحيفة الجارديان عن هذا الكتاب الذي أُلِف في 1999م: "تكمن قوة هذا الكتاب في كونه يعالج اللغز الكوني الأوحد والأعمق: كيف أتينا إلى هنا لنسأل هذه الأسئلة؟".[1] والكتاب يفعل ذلك بالحديث عن (ستة أرقام) أساسية لوجود الكون، من الذرة إلى المجرة إلى ما وراءها. ستة أرقام لو أن قيمها كانت أقل أو أكثر مما ينبغي لما كنتُ الآن هنا لأتحدث عن كتاب مارتين ريس. فما الأرقام الستة هذه؟ وما قصتها؟ هذا ما نتركه لفضول القارئ المهتم.
لقد وقع الاختيار على هذا الكتاب لأهميته في الأوساط الغربية العلمية بعامة، ومركزيته في الجدل المحموم حول دور الصدفة والعناية الإلهية. حتى أن المؤلف أفرد الفصل الأخير للحديث عن ثلاثة خيارات متاحة لتفسير الضبط الدقيق للكون؛ (العناية – المصادفة – الأكوان المتعددة). ونحن كمسلمين نجد الخيار الأول أكمل وأفضل التفاسير على الإطلاق، وهذا بالعقل المجرد، فكيف مع مصادقة الوحي على حكم العقل منطوقًا ومفهومًا؟ لذلك نود أن نؤكد على أن المؤلف –كما صرح هو بنفسه– لا يعتنق أي آراء دينية.[2] فلا يعجب القارئ من تردد المؤلف في الجزم بالتفسير الأمثل لقصة الأرقام الستة. أقل ما نأمله من القارئ –العربي على وجه الخصوص– هو الإلمام بنوعية الحجج والمصطلحات والمفاهيم الدارجة في الجدل الفلسفي والعلمي الدائر اليوم، ليكون على بينة من أمره متى أراد أن يدلي برؤيته في هذا السجال العصري الساخن. وهو مقصد متأكد إذا ما دعت إليه الحاجة، كما قال ابن تيمية رحمه الله: "يقرأ المسلم ما يحتاج إليه من كتب الأمم وكلامهم بلغتهم، ويترجمها بالعربية".[3]
أحمد الله على ما يسره من إتمام لهذا العمل؛ وأدعوه أن يجزي خير الجزاء كل من ساهم في هذا العمل بقليل أو كثير، ولي ولزملائي في براهين مترجمين ومراجعين ومنسقين التوفيق والقبول والسداد.
د. عبدالله بن سعيد الشهري
رئيس مركز براهين سابقا
الهوامش:
[1] من مراجعة لكتاب مارتن ريس هذا، صحيفة الغارديان، 8 يونيو 2012م.
[2] صرح بذلك في مقابلة أجراها إيان سامبل Ian Sample، صحيفة الجارديان، 6 إبريل 2011م.
[3] مجموع الفتاوى (3/ 306).